تكميم المعدة بالمنظار

تكميم المعدة بالمنظار

"أشعرُ كأني بدأتُ حياةً جديدةً، لطالما تمنيتها!"

كثيرًا ما نستمعُ لتلك العبارة من أولَئك الذين خضعوا معنا في مركزنا الطبي لـعملية تكميم المعدة بالمنظار، ومنهن “سارة” التي حدَّثتنا عن تجربتها قائلةً: “كُنتُ أعاني مشقَّةً كبيرةً في أداء أمورٍ بسيطة مثل: المشي والانحناء وصعود السُلَّم، كذلك كنتُ على وشك الإصابة بداء السكري، مع ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.. كُنت أتناول العديد من الأدوية وافتقدتُ الشعور بالصحة الجيدة! كان ذلك قبل أن ينصحني د. طارق أبو زيد بـعملية تكميم المعدة بالمنظار؛ إذ استطعت بعدها فقدان أكثر من 40 كيلوجرامًا من وزني، وأشعر الآن أني أستطيع فعل أي شيء دون قيود. أشعر بالرِضا أني اتخذت هذا القرار في الوقت المناسب!”.
في ضوء تجربة “سارة” وكثيرون مثلها، نُجيبك في هذا المقال بدقة ووضوح عن جميع التساؤلات التي تدور بذهنك حول عملية تكميم المعدة بالمنظار، ما هي؟ وما مميزاتها؟ وما نسبة انتشارها؟ وكيف تُجرى؟ وهل تُناسب الجميع؟ وغيرها من التساؤلات العديدة الهامة.

ما هي عملية تكميم المعدة بالمنظار؟

هي عملية تُجرى لعلاج السمنة، يتقلص فيها حجم المعدة إلى قرابة 20% من حجمها الطبيعي، باستخدام منظار البطن وأحدث الأدوات الجراحية الدقيقة التي يتم إدخالها من خلال شقوق صغيرة بمنطقة البطن، وبعد إزالة الجزء الأكبر من المعدة تُصبح على شكل “كُم” ضيق ، ومن هنا جاءت تسمية “تكميم المعدة”.. ويُطلق عليها أيضًا “تكميم المعدة العمودي أو الرأسي”، وهي الآن الجراحة الأكثر انتشارًا في جميع أنحاء العالم لعلاج السمنة.

بعد تكميم المعدة تتضاءل كمية الطعام التي يمكنك تناولها في الوجبة الواحدة، وقد تصل إلى رُبع كمية الطعام المعتادة أو أقل.. وطعامٌ أقل يعني سعرات حرارية أقل، بالتالي فقدان الوزن؛ لذلك يفقد المرضى عادةً ما بين 40% إلى 70% من الوزن الزائد بالجسم خلال السنة الأولى بعد عملية تكميم المعدة بالمنظار، اعتمادًا على وزنهم قبل إجراء العملية.

تاريخ عملية تكميم المعدة، ومدى انتشارها

في أواخر الثمانينات كانت عملية تكميم المعدة جزء من جراحة أكبر لعلاج السمنة وهي “تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية وتحويل مجرى الاثنا عشر (BPD/DS)”، وهي أقل شيوعًا الآن.

بعد ذلك أصبحت الجراحة السابقة (BPD/DS) تُجرى على مرحلتين لجعلها أكثر أمانًا، وصارت عملية تكميم المعدة تُجرى منفصلةً كمرحلة أولى من تلك الجراحة، وحينئذٍ لاحظ الأطباء أن بعض المرضى قد فقد وزنًا كافيًا بعد عملية تكميم المعدة، ولم يعودوا بحاجة إلى إجراء المرحلة الثانية من العملية المخطط لها.

دفعت هذه النتائج الأطباء إلى اعتماد عملية تكميم المعدة كإجراء مستقل لعلاج السمنة، لتُجرى فيما بعد للمرة الأولى عملية تكميم المعدة بالمنظار عام 2000، وبين عامي 2008 و2013 تضاعفت نسبة إجراء العملية حوالي خمسة أضعاف، لتنتشر بعد ذلك في أرجاء العالم والوطن العربي لتصبح جراحة السمنة الأكثر شيوعًا الآن بنسبة تتجاوز نصف جميع جراحات السمنة التي يتم إجراؤها.

عملية تكميم المعدة في الميزان (مميزاتها وعيوبها وأنواعها)

لنتعرف أولًا على الأشخاص المؤهلون للعملية، إذ يمكنك تحقيق الاستفادة الأمثل من عملية تكميم المعدة بالمنظار إذا كُنت أحد هؤلاء:

  • الأشخاص الذين يبلغ مؤشر كتلة الجسم* لديهم 35 إلى .939 ويعانون من إحدى
  • المرتبطة بالسمنة (مثل: ارتفاع ضغط الدم، أو داء السكري من النوع الثاني، أو ارتفاع نسبة الشحوم في الدم… الخ).
  • كذلك عندما يصل مؤشر كتلة الجسم إلى 40 أو أكثر “مما يعني وجود أكثر من 40 أو 45 كيلوجرامًا من الوزن الزائد عن الطبيعي”، بغض النظر عن وجود أمراض مصاحبة.<<– يؤهلك ما سبق لإجراء إحدى جراحات السمنة بشكل عام.
  • في الآونة الأخيرة، يرى الباحثون أن أصحاب مؤشر كتلة الجسم بين 30 و 35 الذين يعانون من مرض مُصاحب للسمنة يُمكن أن يستفيدوا من عملية تكميم المعدة بالمنظار.

ß يمكنك معرفة “مؤشر كتلة الجسم” الخاص بك من خلال “حاسبة مؤشر كتلة الجسم” أو باستخدام تلك المعادلة:
* مؤشر كتلة الجسم = الوزن (بالكيلوجرام)/(الطول(بالمتر) xالطول(بالمتر))

  • الأشخاص الذين لم ينجح معهم -أو لا يناسبهم- اتباع الأنظمة الغذائية والتمارين الرياضية في إنقاص الوزن.
  • عادةً ما تُجرى عملية تكميم المعدة بالمنظار بين عُمر 16 إلى 65 سنةً، إلا أنه يُمكن إجراؤها لمن يتخطون 65 عامًا عند وجود مشكلة صحية مصاحبة تستدعي ذلك (مثل مشاكل المفاصل وغيرها)، كذلك أجريت عملية تكميم المعدة بأمان على بعض المراهقين تحت 16 عامًا ذوي السمنة المفرطة والذين لم تنجح معهم كل الحلول الأخرى لخفض الوزن.
  • بالطبع استعدادك لتغيير نمط حياتك وعاداتك الغذائية بعد العملية، بالإضافة إلى وجود أسرة داعمة توفر بيئة إيجابية من حولك يضاعف فُرص استفادتك بشكل رائع من عملية تكميم المعدة بالمنظار وتغيير وجه حياتك.

أما عن مميزات عملية تكميم المعدة، فتشمل الآتي:

  • تساعدك عملية تكميم المعدة بالمنظار على فقدان نسبة كبيرة من الوزن الزائد قد تصل إلى 70% في السنة الأولى بعد العملية، كذلك الحفاظ على ما تحققه من فقدان الوزن الزائد على المدى البعيد.
    وذلك من أهم ما يميزها عن الطرق الأخرى (مثل: الحِمية الغذائية أو التمارين الرياضية) التي ربما تساعدك على فقدان الوزن الزائد لكن أغلب الأشخاص يجدون صعوبة في الحفاظ على وزنهم فيما بعد، فيزداد الوزن مجددًا.
  • يحدث فقدان الوزن بشكل معتدل وتدريجي على مدى حوالي 12 إلى 18 شهرًا؛ مما يقيك من الآثار السلبية لفقدان الوزن السريع أو المُفاجئ.
  • بعد عملية تكميم المعدة مباشرةً، يجد معظم الأشخاص انخفاضًا ملحوظًا في الشعور بالجوع، إذ تشير الأبحاث الحديثة إلى حدوث انخفاض ملحوظ لمستوى “هرمون الجوع” أو “هرمون الجريلين” في جسمك في الفترة التي تلي عملية التكميم مباشرةً.
  • لا يحدث تغيير في مسار أو أداء الجهاز الهضمي، وتستمر المعدة في إفراز الحِمض المَعِدي بعد عملية تكميم المعدة بالمنظار بكميةٍ أقل، لكنها لا تُقَلّب الطعام أو تكسّر جزيئاته بالطريقة ذاتها قبل الجراحة، وبقاء الطعام على هذه الحالة عند دخوله إلى الأمعاء يمنحك شعورًا بالامتلاء والشبع لفترات أطول بين الوجبات.
  • تتمتع عملية تكميم المعدة بالمنظار بدرجة عالية من الأمان -خاصةً مع اختيار المكان المناسب والطبيب الماهر-، وتستغرق حوالي 30 إلى 40 دقيقة، وتُجرى عادةً تحت التخدير الكُلّي ما لم يوجد مانع طبي يسلتزم التخدير النصفي بدلًا منه.
  • في عملية تكميم المعدة بالمنظار يكون التدخل الجراحي محدودًا، والتعافي يحدث بشكل أسرع، مقارنةً بجراحات السمنة الأخرى مثل تحويل مسار المعدة.
  • إننا نتبع أحدث التقنيات والبروتوكولات المعتمدة عالميًا (مثل بروتوكول ERAS) في كل الجوانب المتعلقة بالعملية جراحيًا وتخديريًا وتمريضيًا، مما يُمكنك من مغادرة المستشفى في نفس يوم العملية أو في صباح اليوم التالي.
  • يمكنك عادةً العودة للعمل في غضون 2 إلى 4 أسابيع بعد عملية تكميم المعدة بالمنظار، اعتمادًا على الجهد البدني الذي يتطلبه عملك.
  • بمجرد بداية فقدان الوزن، يبدأ التحسُن في علاج المشكلات الصحية المرتبطة بزيادة الوزن مثل:
    (1) مرض السكري “من النوع الثاني”.
    (2) ضغط الدم المرتفع.
    (3) آلام المفاصل، والنقرس.
    (4) انقطاع التنفس أثناء النوم.
    (5) الكبد الدهني.
    (6) ارتفاع نسبة الكوليسترول، والدهون الثلاثية بالدم.
    (7) الربو.
    (8) سلس البول.
    (8) متلازمة تكيس المبايض لدى النساء.
  • كذلك ينتج عن فقدان الوزن زيادة الخصوبة عند الرجال وزيادة فُرص الإنجاب عند النساء -اللاتي كُنَّ يعانين من تكيس المبايض-، مما يصنع فرقًا ملحوظًا.. بدنيًا ونفسيًا.

◄◄من أهم مزايا عملية تكميم المعدة، تحسُّن الحالة النفسية والمزاجية بصورةٍ هائلة، بسبب تحسُّن الصورة الذاتية والشعور بصحةٍ أفضل، مما يعزز كثيرًا الثقة بالنفس والرضا عن الذات.

هل هُناك مضاعفات لـ عملية تكميم المعدة بالمنظار؟

  • من النادر حدوث أي مضاعفات تستدعي القلق بعد عملية تكميم المعدة.
    ولكن كأي جراحةٍ أخرى توجد احتمالية بسيطة لبعض المضاعفات بعد عملية تكميم المعدة بالمنظار في نسبة ضئيلة من الحالات مثل: حدوث نزيف أو تسريب من جدار المعدة بعد العملية، والأمر المطمئن أننا نبذل قصارى جهدنا في معرفة وتطبيق أحدث التقنيات واستعمال أدق الأدوات (مثل الدباسة الذكية، وغيرها) واستخدام طرق ومواد التخدير الأكثر أمانًا لتفادي أي أثر غير مرغوب سواء مرتبط بالتخدير أو الجراحة نفسها.ومن المضاعفات التي قد تحدث على المدى الطويل:

    • حدوث ضيق بالمعدة أو فتق بالبطن، وهو أمر نادر جدًا.
    • ارتجاع المرّيء، في حالات قليلة.
    • ينبغي الالتزام بتعليمات الطبيب فيما يتعلق بالنظام الغذائي أو الأدوية الموصوفة حسب حالتك لتتجنب أي مشكلة قد تترتب عن عدم الالتزام أو المتابعة، مثل انخفاض مستوى السكر بالدم أو القيء أو سوء التغذية.

    لذلك ينبغي اختيار الطبيب بعناية؛ لأن الخبرة والمهارة للطبيب المتمكن تساهم في التقليل من احتمالية تلك المضاعفات بشكل هائل، سواء بإجراء التحاليل المناسبة وتأهيل المريض جيدًا قبل العملية، أو بالدقة والتمكن أثناء إجراء العملية، أو بالمتابعة والعناية بعد العملية.

    هناك أيضًا حالات لا يُنصح فيها بإجراء عملية تكميم المعدة بالمنظار، مثل:

    • مؤشر كتلة الجسم أقل من 35 دون وجود أمراض مصاحبة للسمنة.
    • العمر أقل من 16 عامًا أو أكبر من 65 عامًا، (ويستثنى من ذلك المراهقين دون 16 عامًا، والبالغين فوق 65 عامًا الذين يعانون من سمنة مفرطة أو مشكلة صحية تستلزم فقدان الوزن، حيث يُمكن إجراؤها باحتياطات معينة).
    • إدمان السكريات والحلوى والمشروبات الغازية سهلة الهضم والامتصاص، لأنها تبطئ من عملية فقدان الوزن وتتسبب في زيادة الوزن مرة أخرى.
    • إدمان الكحوليات أو غيرها من الأدوية أو المواد الضارة.
    • وجود حالة طبية قد تعرض المريض للخطر أثناء الجراحة (مثل: أمراض القلب، أو مشكلة خطيرة بالرئة، أو تشمُّع الكبد، أو التهاب البنكرياس أو التهاب القولون التقرحي (ulcerative colitis) …إلخ).
      >>ويُمكن إجراء عملية تكميم المعدة بالمنظار في هذه الحالات إذا استدعى الأمر، ولكن باتخاذ احتياطات أعلى تخديريًا<<.
    • الشخص الذي لم يُحاول من قبل تجربة الطرق غير الجراحية لفقدان الوزن (مثل: الأدوية أو الأنظمة الغذائية).
    • عدم الاتزان النفسي، ووجود مشكلات واضحة متعلقة بالصحة النفسية.
    • الحامل أو الأم المرضعة أو مَن تخطط للحمل خلال عام من إجراء عملية تكميم المعدة بالمنظار.
    • عدم وجود مَدخل مناسب وآمن إلى تجويف البطن أو القناة الهضمية أثناء الجراحة.
    • المدخنون (إذ ينبغي على المدخنين -بغض النظر عن وزنهم- الإقلاع عن التدخين قبل الجراحة بحوالي شهرين إلى 3 شهور، وقد يُجرى اختبار للنيكوتين قبل العملية).

    وينبغي التأكيد على أن الطبيب وحده هو المنوط بتحديد ما إذا كُنتَ مؤهلًا لإجراء عملية تكميم المعدة بالمنظار أم لا، فهو المُختص بتقييم حاجة كل مريض بحسب حالته الصحية وطبيعة جسمه.

أنواع عملية تكميم المعدة

  • تتطور باستمرار طرق وتقنيات عملية تكميم المعدة، بهدف تعزيز الحفاظ على فقدان الوزن على المدى البعيد وكذلك الاهتمام بمظهر البطن الجمالي بعد العملية، لذا ظهرت أنواع حديثة من عملية التكميم، مثل:
    • تكميم المعدة المطور أو المعدل.
    • عملية تكميم المعدة عند خط البكيني، أو ما يُعرف بـ تكميم البكيني.
    • تكميم المعدة الدقيق أو “ميني تكميم”.
    • عملية تكميم المعدة باستخدام منظار المعدة “الذي يتم إدخاله إلى المعدة عن طريق الفم”، حيث يتم خياطة قرابة 12 غرزة في المعدة بهدف تقليص حجمها.

    ولكن تلك العملية لا تلائم أولئك الذين يعانون من فتق حجابي أو التهابات مَعِدية أو قُرح بالمعدة.
    وبالإضافة لكونها مكلفة جدًا، فهي تُعد عملية تجريبية حتى هذه اللحظة، إذ لم تثبت فاعليتها بشكل مطلق، لذا لا تغطيها أغلب شركات التأمين في الوقت الحالي.

    بعد أن تعرفت على معلومات فريدة عن عملية تكميم المعدة بالمنظار، يبقى الأمر بيدك.. بدايةً من اتخاذ قرار شُجاع باستعدادك للتغير ورؤية الحياة بصورة أجمل، والالتزام بذلك القرار حتى تبلغ غايتك، ثُم اختيار الطبيب الماهر ذو الخبرة والتجارب العديدة الناجحة، والخلفية العلمية القوية مع استخدام أحدث التقنيات ومتابعة آخر الأبحاث في هذا المجال، ليساعدك على الوصول إلى الوزن المناسب بصورة آمنة تجعل تلك التجربة فرصة جديدة لحياة أفضل.

روابط المصادر: